للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما لديه، لكنها لم تشمل جميع الأبواب المهمة سواء أكان عنده أو عنده غيره فمثلا: هل أثبت النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ما مع النصارى من كتب ونفى عنها التهم والتبديل؟ أو هل حرفت ألفاظ جميع النسخ منها بعد مبعث النبي؟ لم أعثر فيه على مناظرة بهذا الشكل ... لكني أرى أن منهج رحمت الله كان أقوى في هذا الباب؛ فقد كان يسلك مسلك العلماء لا مسلك الدعاة كما فعل ديدات، كذلك لم يكن يعتمد ديدات على آراء المفسرين الشارحين للنصوص كما كان يفعل رحمت الله وابن حزم، وأن ما كان عند الشيخ ديدات يعد تطويرا شكليا لا منهجيا، دعويا إعلاميا لا علميا.

- إن هذا البحث يؤصل ويوضح لنمط جديد ألا وهو فكرة وجود قواعد مناظراتية، مع استخدام التكنولوجيا في علم المناظرة والجدل الحديث؛ فهناك فرق بين قواعد لمناظرة أهل الكتاب، وبين أن تجرى المناظرة بناء على تلك القواعد؛ فالقواعد الأولى أشمل وأعم من الثانية؛ حيث يمكن أن تكون الثانية قاعدة تضاف إلى القواعد والآداب العامة عند الجدل وفي المناظرة. لا تأتي مرحلة استخراج القواعد إلا بعد الاستهلاك في الشروح والمناظرات أو باستيعات القدر الكافي للدين الآخر أو وجهة النظر الأخرى والتي تحدد مواضع الإشكاليات، وتختلف قواعد المناظرة عن آداب المناظرة. كما يفضل أن تستخدم المناظرات عند من يظهر معاداة الإسلام والتحدي؛ أي استخدام القوة لصد العدوان. كما تبين أن المنهج القرآني في مناظرة المسلمين للنصارى هو منهج التخطئة والإلزام لكنه بعد تلك المناظرة الكبرى ونجاح رحمت الله الساحق يمكن أن يستكمل ذاك البناء بالدعوة وشرح مبادئ الإسلام كما نادى الدكتور كلينتون على الجانب الآخر أو باستخدام التكنولوجيا الحديثة في كلا الأمرين.

- بعض الآراء تذكر أن فندر كان مبشرا أمريكيا كاثوليكيا تحول إلى البروتستانتية - كما نقل عن القس فرنج - مساعده- والرأي الآخر لا ينوه - مطلقا - على كونه مبشرا أمريكيا كاثوليكيا، بل يراه مبشرا جمع بين الكاثوليكية والبروتستانتية - كمبدأ لتوحيد النصرانية - وكما لم ينوه كذلك على كونه أمريكيا إلا ما نقل عن فرنج، بل سافر وتزوج وعمل لحساب إنجلترا، وهو في الأصل ألماني قد تعلم في سويسرا وتخرج في بازل. إن كتاب فندر لا يستهدف الخاصة بل العامة؛ ولذا نجده حريصا على الاستمرار فيه بالرغم من دفع الشبهات بأقوال كثيرة يصعب على العامة قراءتها وحصرها وإن سر التمسك بنشر كتابه، وعدم الاهتمام بنشرالرد عليه ككتاب إظهار الحق - حتى الآن - هو مصلحة عدم ظهور الحقيقة؛ لأن مع الباطل قوة. استنتج الباحث من خلال العرض أن فندر بالرغم من ضعف حجته، وسقم منهجه، واعترافه بالتحريف، إلا أنه آثر البقاء على دينه بل والتبشير والدعوة إليه وكأن كل ما سبق عبارة عن معركة لا بين دين وعقيدة! استمد فندر هذه الصلابة من خلال ما نشأ وتربى عليه، وربما كان من خلال هوى في نفسه، وكبر استقر في قلبه. وبالرغم من رفض المسيحية للعقل في قبول عقيدة التثليث كعقيدة إيمانية واجبة التسليم إلا أنه مازال هناك الكثير من معتنقيها، وهذا يدل على التأثر المجتمعي بعضهم ببعض وأنه أول ما يعود المرء لرشده ويستشعر الهداية يتحول عنها إلى الدين الحق.

<<  <   >  >>