- عرض د. كلينتون رأيه عن فندر بنزاهة وشفافية وحيادية واستنبط الباحث من خلال عرضه أنه يرى فندر شخصا مستهترا لم يراع حقوق المناظرة على الأوجه الأمثل من خلال التمهيد والتحضير المسبق لها. وتقييم الدكتور كلينتون في النهاية يشير إلى أنه من الأفضل الابتعاد عن مناظرة المسلمين، وعدم الجدل معهم؛ لأنه لم يأت بفائدة مرجوة، وأظهر أن الخسارة كان محلها عدم التجهيز والإعداد المسبق، وأنه بذلك يمكن الرد على المسلمين بسهولة، لكنه من الأفضل مخاطبة قلوبهم لا عقولهم، أو شرح المسيحية بدلا من مهاجمة الإسلام - في إشارة - إلى أنه من الصعب إقناعهم بما ليس لديهم، وهذا في حد ذاته اعتراف بضعف حججهم، وانتصار المسلمين الساحق على خصومهم. وبالنسبة لصفدر علي وعماد الدين، وكانا من حضور المناظرة الكبرى، فقد رجع الباحث إلى مصادر كتبهم، ورسائلهم، حيث تبين أنهما ينتميان إلى عقائد صوفية منحرفة مهدت وفتحت الطريق لهم -أمام أعينهم- فغشت أبصارهم عن طريق الحق كذلك بسبب البيئة المحيطة (أسرة أرثوذكسية - رفقاء سوء).
- إن طريقة النقد التاريخي المزعومة لم تكن لدى المسلمين، بل استقاها المسلمون من الأوربيين، وإن ادعوا أن لديهم القدرة على الرد من خلالها فلم لم نشهد ذلك حتى الآن! وإن زعموا أن المسلمين طوروها فإما لأنهم على حق وإما أن عليهم تطويرها -هم كذلك - وإلا كان لزاما عليهم أن يسلموا أو أن يبتعدوا عن طريق الجدل كما نصح د. كلينتون؛ حيث يظن الغرب أن المنهج الذي اقتبسه المسلمون منهم وطوروه هو السبب في الانتصار إلا أن الغرب وقف عاجزا عن التطوير، فالحقيقة ليست في منهج مطور أو مقلد بل في إظهار حق وإزهاق باطل؛ حيث أثبتت هذه الدراسة أن التقنيات الحديثة لن تغير من مسار الحق بل تثبته وتؤكده.
- تبين مما سبق أن التناظر مميز ببلوغ أعلى مراتب التنصير بالقوة العسكرية الاستعمارية الصليبية - في ذلك الوقت - ولم يتبعها في القرون التالية أي جديد سوى محاولات التأثر والتطوير. تحتاج الجوانب الإجرائية في هذه المناظرات وكذلك القواعد الجدلية إلى تطوير، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى التأثير الإيجابي في طريقة وعمل وأداء المناظرة، كذلك تطوير في طرق عرض وتقديم الكتب العلمية؛ للرد على المخالفين. هناك ملامح خاصة تميز بها كل من منهج الشيخ رحمت الله والقس فندر عن غيرهما، بالإضافة إلى البيئة والزمان الذان كانا فيه؛ أدى ذلك لزيادة الاقبال إلى التعرف عليهما. لم يلتزم فندر بالقواعد المنطقية كما التزم بها الشيخ رحمت الله في الجدل والتناظر؛ أدى ذلك إلى تراجع القس فندر أمام الشيخ رحمت الله الهندي. وكانت المشكلة في قلة علمه واستهتاره بمستوى المناظرة وغشيانه للحق وقد تطورت الطرق والأساليب الحجاجية - عند الشيخ والقس- عن طرق وأساليب سابقيهم، وفق القواعد المنطقية الجدلية وخاصة لدى الشيخ رحمت الله بمساعدة رفيقه د. وزير خان. كما حدثت تطورات في الطرق والأساليب الحجاجية - شكليا - بعد تلك المناظرة الكبرى. وإن الأمر يستلزم إحداث تطوير في مناهج البحث في الأديان من الناحية الهيكلية والوظيفة الأساسية كما يستلزم وجود قواعد منطقية جدلية حديثة،