للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حين يرى الغربيون أن الإسلام بدعة: "في عيون المسيحية، كان الإسلام بدعة، انحرف من جذوره اليهودية حيث يشترك في إنكار ألوهية المسيح" (١).

فلم يقتصر الأمر في السعي إلى تنصير المسلمين فحسب، ولكن وصلت طريقة تعامل النصارى - كذلك - إلى أرباب الديانات الأخرى وتبديدهم للكتب والآثار منها: المصرية القديمة وقصة هيباتي خير دليل؛ فهذا تيوفيل بطريرك الاسكندرية قد انتحل أدنى الأسباب؛ لإثارة ثورة في المدينة، لإتلاف ما بقي من مكتبة البطالسة، بعضه بالإحراق، وبعضه بالتبديد، ولقد قال أوروسيوس أنه رأى أدراج المكتبة خالية من الكتب، بعد أن نال تيوفيل الأمر الامبراطوري من قيصر الرومان بإتلافها بنحو عشرين سنة، وكانت مكتبة الإسكندرية تحتوي على كتب البطالسة والمصريين القدماء على عهد جول قيصر، وكانت قسمين أحدهما مكتبة البروخيوم وتحتوي على ٤٠٠ ألف مجلد، والأخرى السرابيوم وتضم ٢٠٠ ألف مجلد (٢).

ثم جاء بعد تيوفيل ابن أخته سيريل بطريركا على الإسكندرية، وكان خطيبا مفوها له على الشعب سلطان بفصاحته، وكان في الإسكندرية فتاة تسمى هيباتي الرياضية، تشتغل بالعلوم والفلسفة، وكان يجتمع إليها كثير من أهل النظر في العلوم الرياضية، وكان لا يخلو مجلسها من البحث في الفلسفة في مسائل ثلاث هي:

١ - من أنا؟

٢ - وإلى أين أذهب؟

٣ - وماذا يمكنني أن أعمل؟

فلم يحتمل سيريل السماع بها وبعلومها - مع أن الفتاة لم تكن مسيحية (لم تكن على دينه) بل كانت على دين آبائها من المصريين القدماء - فأخذ يثير الشعب عليها حتى قعدوا لها وقبضوا عليها في الطريق سائرة إلى دار ندوتهم، وجردوها مكشوفة العورة إلى الكنيسة وقتلوها. ويقول مؤرخ هذه القصة، ولم تسأل الدولة القديس سيريل بطريرك الاسكندرية عما صنع بالفتاة هيباتي، ولم تنظر الحكومة الرومانية فيما وقع عليها (٣).

وكان النصارى يبذلون الغالي والنفيس من أجل إقناع الغير بصحة الديانة وما هم عليه؛ حتى يؤمنوا بهم أو يقدروا عليهم؛ فيقتلوهم أحيانا أو يستولوا على ممتلكاتهم أحيانا أخرى.

كذلك كانت هناك كنيسة في بعض بلاد الروم مشهورة، يحجون إليها في أحد أيام السنة، وهناك يشاهدون صمنا بها، إذا قرئ الإنجيل بين يديه وثدييه خرج منهما اللبن، فيشاهده من حضر، ويحدث به من غاب، ويعدها آية بينة، ودلالة على صحة دين المسيحية، وبالبحث بمعرفة أحد ملوكهم تبين له وجود طاقة لطيفة وراء جدران التمثال تصل منها إلى ثديي الصنم أنبوبة من النحاس، فإذا كان يوم العيد فتحها وصب فيها لبنا فيخرج من ثديي الصنم،


(١) Avril A.Powell,Muslim and missionaries in pre-Mutiny India,(London: Routledge, E ٢, ٢٠٠٣). P ٦ - In Christian eyes, Islam was a heresy, which had deviated from the common Judaic root to deny the divinity of Christ.
(٢) انظر: المستشار محمد عزت الطهطاوي، في مقارنة الأديان النصرانية والإسلام، (د. م: مكتبة النور، ط ٢، ١٩٨٦)، ص ١٥٩ (بتصرف يسير).
(٣) انظر مرجع سابق: المستشار محمد عزت الطهطاوي، في مقارنة الأديان النصرانية والإسلام، ص ١٥٩ (بتصرف يسير).

<<  <   >  >>