وثانيتهما: التصنيف المستقل عن الارتباط بكتاب معين، كما فعل النجم ابن شاس في كتابه "عقد الجواهر الثمينة".
وابن فرحون اتبع الطريقتين في تآليفه الفقهية، ففي كتابه "تسهيل المهمات" كان يدور حول قطب مختصر ابن الحاجب، يشرحه ويعلق عليه ويتعقب من سبقه إِلى شرحه، وفي "تبصرة الحكام" تحرر من الالتزام بالارتباط بكتاب خاص.
وكتابه "إِرشاد السالك إِلى أفعال المناسك" كان فيه متبعًا الطريقة الثانية، فألفه مستقلًا، وصمم أبوابه التي رأيناها بفصولها التي تتضمن أهم مسائل الباب، ويتولد عنها من الفروع ما يناسب، وما يمكن أن يصوره العقل من الصور المفترضة التي يحتاج المكلف إِلى معرفة حكمها إِن وقعت. ويبدو لي أن ابن فرحون في طريقة التفريع كان مقتفيًا أثر ابن شاس في "عقد الجواهر" وكثيرًا ما قلده في التعبير بـ "فرع مرتب".
والتحرر من الدوران حول قطب كتاب آخر يعطي الفرصة للمؤلف كي يختار المخطط الذي يراه مناسبًا لكتابه، وينظم مسائله ومعلوماته تنظيمًا يحقق هدفه من التأليف، وبذلك تظهر شخصيته في التخطيط.
وقد كان ابن فرحون مستفيدًا من عدة أصول ومراجع، وكان جامعًا للمسائل مرتبًا لها وموزعًا إِياها على الأبواب الكبرى التي اختارها لكتابه، وبالإِضافة إِلى ذلك فإِنه يتدخل تدخلًا يتجلى خاصة في: