للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمير المؤمنين لا تجعل هذا البيت ملعبة للملوك، لا يشاء أحدهم إِلا نقض البيت وبناه، فتذهب هيبتُه من صدور الناس، فتركه الرشيد على حاله (١).

فانظر كيف رجع إِلى مالك فيما أشار به، وكان يرى أن قصده حقٌّ يُثاب عليه وسنة تُحيى، فثبت بهذا أن إِدخال أحجار الحل إِليه غير مكروه.

ومنها: أنه لا فرق بين حرمة الشجر وحرمة الحجر والتراب والكيزان، بل جاء في حرمة الشجر ما لم يرد في أحجارها وترابها، وقد منعوا إِخراج الشجر والأغصان وأجازوا قطع السواك والعصا والعصاتين من شجر الحرم، ولم يشترطوا في ذلك أنه لا يخرج بالسواك من الحرم ولا بالعصا، فأباحوا اليسير، وكان ينبغي لهم أن يفرقوا في الأحجار بين الكثير واليسير، ولم يذكروا ذلك.

وقد تقدم ما ذكره الباجي في نقل السنا وأن نقله يجوز (٢) ولا فرق بينه وبين التراب بدليل أنهم ألحقوا كسوة الكعبة بالتراب، وهي منقولة إِلى مكة من غيرها، فإِلحاق السناء بالتراب من باب أولَى.

ومنها: أن مسجد عرفة الذي يصلي فيه الإِمام اِخْتُلِفَ فيه: هل هو في الحل أو في الحرم؟ وتوقف مالك في حكم من وقف فيه (٣)، ولأصحابه فيه قولان:


(١) كذا في (التمهيد: ١٠/ ٤٩ - ٥٠).
(٢) تقدم في ص ٧٠٢.
(٣) قال ابن شاس: "إِن وقف ببطنُ عرنة لم يجزه، لأنها من الحرم، وإِن وقف بالمسجد فوقف مالك وابن عبد الحكم في إِجزائه" (الجواهر: ١/ ٤٠٤ - ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>