وهذا أنموذج لكيفية عمل المؤلف في المقابلة وبيان الروايات والفروق والترجيح:
- "قول بعض الرواة في الشريكين في العبد يكاتب ... إلى آخر المسألة، ثابتة في روايتنا، وسقطت من رواية يحيى بن عمر، وليست في رواية إسحاق بن إبراهيم من الأندلسيين، وثبتت عند الدباغ ويحيى بن أيوب من القرويين وابن وضاح من الأندلسيين، ولم يقرأها ابن أبي سليمان ولا أحمد بن خالد، وهي كلام ابن الماجشون".
والمقابلة بين الروايات والتنبيه على ما في كل منها هو أحد عناصر منهج المؤلف في دراسة نص "المدونة"، أما دوره في هذا فهو كما ينتظر دور الفاحص الناقد المحدِّث الفقيه، فالروايات الفقهية تحتاج إلى منهج يزاوج بين الرواية والدراية، والقاضي عياض قد يجد من سابقيه من قام ببعض هذا العمل فرد وأثبت، وضعف وأسقط، فكان لا يتجاهل ذلك، بل يورده ويكتفي به أحياناً ويتبناه، وهو في هذا الباب يجد نفسه أمام كثير من اجتهادات سحنون في تقويم النص بالإضافة والإسقاط، ويجد كذلك مجهودات الفقهاء في الاتجاه ذاته فيذكره ويناقشه، وقد يقبله أو يرده. ومثال هذا:
- "قلت: طواف الإفاضة عند مالك واجب؟ قال: نعم. زاد في بعض الروايات: وطوافه الذي يصل به السعي بين الصفا والمروة هذان واجبان يرجع لهما جميعاً ... وسقطت هذه الزيادة من أكثر النسخ. وسقطت لابن وضاح، وحوق عليها في أصول شيوخنا وكتب عليها: طرحها سحنون، وقال: هي خطأ.
قال القاضي: وهو الصواب، ليس طواف القدوم - وهو طواف الزيارة - من فرض الحج ولا أركانه! ".
- "وقوله: يرجع بقيمة ذلك، كذا عندي وعند ابن عيسى، والذي عند ابن عتاب: بحصة ثمن ذلك، وطرح سحنون "بقيمة" ورد" بحصة"، وقال: