هذا وأهم المسالك والإجراءات التي يتبعها المؤلف في معاناة مسائل الخلاف ما يلي:
[أ- بيان سبب الخلاف]
وهذا مدخل هام لفهم مقاصد ومنطلقات المختلفين، وتزداد أهميته في مثل كتاب "المدونة" وبقية الأمهات التي فيها غالباً كلام غفل عن الاستدلال. والمؤلف لاطلاعه الواسع وتوسعه استنبط هذه الأسباب وبينها، وهي أسباب الاختلاف المعروفة مما يعود إلى الرواية وسياق الكلام، أو إلى طبيعة النص ودلالاته ... ومن نماذج هذا في الكتاب:
* الخلاف العائد إلى الرواية:
- "مسألة من صام رمضان عن رمضان آخر: يجزئه وعليه قضاء الرمضان الآخر، ضبطناه عن شيوخنا بفتح الخاء وكسرها، وفي كتاب "ابن عتاب": الفتح لابن وضاح. وحكى أحمد بن خالد فيه الوجهين وقال: لم يوقف فيه ابن وضاح على شيء، وقال يحيى بن عمر: لم يوقف فيه سحنون على شيء، وقال ابن لبابة: رواه عنه قوم بالنصب، ورواه حماس عنه بالخفض وغيره. واختلف على هذا الراوون والمختصرون والمتأولون .... "
فها هي ذي حركة حرف واحد تسبب مشكلاً فقهياً لا يمكن حسمه في ظل الكتاب. ومثل هذا حرف عطف في قوله:
- "يجمع في الحضر إذا كان مطر وطين وظلمة، كذا روايتنا عن يحيى في هذا الموضع، وفي الرواية الأخرى: إذا كان مطر أو طين وظلمة ... ".
* الخلاف في تفسير مقاصد الإمام ودلالات ألفاظه، وهذا في "المدونة" كثير، وأثره في الفروع المالكية كبير ...
[ب - دراسة الخلاف]
والمقصود بهذا أن المؤلف في تحليله يبين السبب ثم يعمل على السبر وتحديد الوجه الصائب في المسألة.