والغرض هنا "الإلماع" إلى بعض ذلك مما ورد في "التنبيهات" للتأكيد على حضور المنهج الأصولي في تحليلاته:
١ - فمن آرائه البارزة في الأصل الأول - الكتاب - هذان النصان:
- "وقول طاوس في صيام الكفارة: يفرق، فقال له مجاهد: في قراءة ابن مسعود متتابعات؟ قال: فهي متتابعات، حجة بالقراءة المتلقاة من خبر الواحد، وهي مسألة اختلف فيها الأصوليون هل تقوم بها حجة كما تقوم بخبر الواحد عن السنة والقول عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، إذ الكل متلقى عنه ويلزم العمل بمقتضاها أم لا تقوم لإسناد ذلك إلى القرآن؟ وهو لا يثبت قرآناً بخبر الواحد، فلما لم يثبت قرآناً لم يثبت حكماً. وإلى هذا ذهب المحققون مع إجماع الكل على أن التلاوة لا تجوز به".
٢ - وفي الأصل الثاني - السنَّة - يلفت الانتباه موقف عياض في الدفاع عن الرأي المالكي في تعارض خبر الواحد مع القياس، وهو منفذ جلب على المالكية كثيراً من النقد كما جلبه عليهم موقفهم من خبر الواحد في معارضته لعمل أهل المدينة، وقد نصر القاضي عياض مذهب أهل المدينة بكل قوة في "المدارك"(١)، ومما ورد في "التنبيهات" من هذا:
- " ... أو يكون هذا على مذهب من قدم القياس على خبر الواحد، وهو مذهب جماعة من الفقهاء الأصوليين ومن أئمتنا البغداديين، وحكوا أنه مذهب مالك ... ".
٣ - وفي محور دلالات الألفاظ المتناثرة في الكتاب نذكر هذين النصين النظريين لخصوصيتهما:
- "واستقرى شيوخنا من احتجاجه أن مذهبه القول بالعموم في مسائل أصول الفقه، وهو بين من قوله واستدلاله. وهو مذهب عامة الفقهاء من أصحابنا وغيرهم وكثيرٍ من الأصوليين، وأن لفظ الجمع المكسر من صيغ العموم، ولا سيما إذا عرف بالألف واللام كقوله هنا: "المساجد"، وهو أجلى صيغ العموم عند القائلين به".