للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ثلاثة، ويسميه الأصوليون: المستفيض أيضاً، وقد ناقش العلماء هذين القولين، فلم يسلما من المآخذ (١). وقال ابن خويز منداد: مسائل المذهب تدل على أن المشهور ما قوي دليله وأن مالكاً رحمه الله كان يراعي من الخلاف ما قوي دليله لا ما كثر قائله، فقد أجاز الصلاة على جلود السباع إذا ذكيت، وأكثرهم على خلافه، وأجاز أكل الصيد إذا أكل منه الكلب، ولم يراع في ذلك خلاف الجمهور (٢).

ولم يتوقف الأمر عند هذين القولين، بل ذهب الفقهاء إلى الحديث عن مشهور آخر لم يبينوا معتمدهم فيه، فذهبوا إلى أن مذهب ابن القاسم (٣) في "المدونة" هو المشهور (٤) ما لم يعارض قول مالك (٥). فهذا القول لا يمكن أن يصنف ضمن ما قوي دليله, لأن هذا حكم مسبق, لأنه حكم له بالشهرة قبل مناقشة الدليل. ولا يمكن أن يصنف ضمن ما كثر قائله, لأن قائله واحد. وما قاله صاحب نظرية الأخذ بما جرى في العمل من أن قول ابن القاسم يكون في حكم المشهور، وأنه وحده يعادل الكثرة المشترطة في المشهور (٦)، كلام يعوزه الدليل.

من خلال مناقشة هذا المصطلح يتبين أن تحديد معناه جاء متأخراً جداً عن استعماله، فقد استعمل بمعان مختلفة تسع كل هذه المعاني. والذي يظهر من كلام عياض أنه لم يتقيد بمدلول واحد للمشهور، فهو يطلق المشهور ويقصد به ما كثر قائله، فهو يقول في كراء الرواحل: والمشهور


(١) انظر: كلام ابن راشد على القولين وما يعكر عليهما، فقد ذكر أمثلة معارضة لكل واحد من القولين. كشف النقاب الحاجب عن أدلة ابن الحاجب: ٦٣ وما بعدها.
(٢) كشف النقاب الحاجب عن أدلة ابن الحاجب: ٦٣.
(٣) يرى الدكتور محمَّد رياض أن هذا مبني على اعتبارين: اعتبار شخصي وهو راجع لمكانة عبد الرحمن بن القاسم، واعتبار موضوعي راجع لمنزلة "المدونة". أصول الفتوى والقضاء في المذهب المالكي: ص: ٤٩٣.
(٤) نظرية الأخذ بما جرى به العمل في المغرب: ص: ٤٠.
(٥) كشف النقاب الحاجب عن أدلة ابن الحاجب: ٦٨.
(٦) نظرية الأخذ بما جرى به العمل في المغرب في إطار المذهب المالكي. ص: ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>