ثم يقوم فيقضي: أيتشهد في جلوسه كما يتشهد الإمام في سهوه وهو يلبث حتى يفرغ الإمام ولم يقم؟ قال: لا، ولكن يدعو".
اختصر المؤلف كل هذا في قوله: "وقوله في الكتاب: إن جلس فليدع ولا يتشهد".
وقد يجد القارئ أحياناً نفسه أمام كلمات في نص "التنبيهات" مرصوفة متناغمة انتقاها المؤلف من نص طويل، فهذا السطر مثلاً لخصه المؤلف من ثلاثة عشر سطراً: "وقوله فيمن أسلم في طعام وأخذ به رهناً فهلك، لم يصلح أن يقاصه بقيمته من سلمه".
ومن قبيل الاختصار لجوء المؤلف إلى دمج أكثر من فرع ومثال في فرع واحد.
ومن عناصر أسلوبه في التعامل مع مادة "المدونة" - وهو نوع اختصار - الربط بين مواقع المسألة الواحدة في الكتاب أو بين المسائل المتشابهة أو حتى المختلفة ليتمكن من إظهار الخلاف ومناقشته، كما فعل عند ذكر مسألة الزيتون الذي له زيت إذا باعه صاحبه قبل عصره أن عليه إخراج ما كان يلزمه من زيت، وهذا في "المدونة" ٢/ ٣٤٢. وعطف عليها مسألة الجلجلان إذا كان قوم لا يعصرونه وإنما يبيعونه للذين يزيتونه للأدهان ... وهي في "المدونة" ٢/ ٣٤٩.
وفي كتاب "الحج" ربط بين مسألة في الصفحة ١/ ٣٧١ بنظائرها في ١/ ٣٩٤ ثم بين أخرى في ١/ ٣٧١ بأخريين في ١/ ٣٩٢ و٤٥٥، وربط بين مسألة في ١/ ٣٨٩ وأخرى في ١/ ٤٥٦.
هذا التصرف يقود إلى ظاهرة تتكرر كثيراً في الكتاب هي استحضار المؤلف مواقع المسائل في الكتاب على تباعد ما بينها، وهذا مثال: "وقوله في العبد المأذون إذا اشترى من يعتق على سيده: إنه يعتق عليه، قال ابن القاسم: إذا اشتراهم وهو يعلم. ثبت هذا في الكتاب الأول، وبينه هنا، وأطلق في الثاني عتقه. وحمل سحنون أن معنى ذلك: أنه اشتراهم بإذن سيده. وقد اختلف في مراعاة علمه، وفي كتاب "الرهون" في بعض