للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرجع إلى صناعة الكتابة وقواعد البلاغة، وإنما هو خلل أقرب إلى تقنيات الاختصار وجفاف لغة الفقه.

وأهم ما يثار في أسلوب كتاب "التنبيهات" الإبعاد بين المبتدأ والخبر، والشرط والجواب، وكثرة الجمل الاعتراضية، وضغط الكلام بشدة حتى لا يكاد يفهم أحيانا، والحيرة في مواقع الفصل والوصل، والمواقع المناسبة لوضع النقط والفواصل، والنقط الفواصل، ونقطتي القول، والحاجة إلى أدوات الربط. ولنقرأ أولاً هذا المثال: "وإجازة مالك بيع اللحم بالخيل والدواب، ومنع ابن القاسم بيعه بالضبع والهر والثعلب. واعتل بكراهة مالك للحومها وأنها عنده ليست كالحرام البين وللاختلاف في أكلها. ولم يقل هذا في الخيل وكراهةُ مالك للحومها على نحو ذلك، واختلافُ الصحابة والعلماء فيها معلوم؛ فذهب بعضهم إلى أن مذهب ابن القاسم في ذلك خلاف مذهب مالك، وأن الذي يأتي على مذهب مالك في المسألة الأولى الجواز في الجميع. وعلى مراعاة ابن القاسم الخلاف الجواز في الجميع".

ومن النماذج القلقة في الكتاب هذا النص الذي كان المؤلف فيه بصدد ذكر رأي لأبي عمران الفاسي، ثم اعترض بجملة، ثم رجع لكلام أبي عمران فسبب في الغموض: "وأما أبو عمران فترجح في المسألة وقال: يحتمل الخلاف وغيره، وأن مسألة التي فرق فيها بين القرب والبعد تفسر الأخرى وتقضي عليها ومسألة الابن الغائب - يريد البعيد الغيبة - ومسألة التي قالت: لا أرضى؛ لأنها ردت الأمر وأبطلته - وقد جاءت في "سماع" ابن القاسم: ما وكلت وما رضيت، فلا تشبه المسائل الأخرى التي فيها الإجازة والرضى بالقرب - ويقول: وقوله - على هذا "مرة أي: لم يتكلم بهذا التفسير والبيان إلا مرة، وفي غيرها أجمل الجواب".

فالجملة: "وقد جاءت في سماع ابن القاسم" إلى قوله: "والرضى بالقرب"، جملة معترضة. وقوله بعدها: "ويقول"، ضميره عائد على أبي عمران.

<<  <  ج: ص:  >  >>