للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيحة - ومنها معارضة بأصل المؤلف - على أن هذا كان من كتابته، ويؤكد ذلك في الطرر والهوامش، بل ويتكرر هذا عشرات المرات. وإن المرء ليستغرب صدور تلك الهنات من قلم القاضي عياض وهي - قطعاً - هنات لم ينتبه إليها، ولا بد أن الأمر يتعلق بحالة خاصة تعتريه وهو يكتب، وربما كانت هي السرعة والخفة التي يكتب بها، فقد قيل عنه: إنه سريع الوضع، يدل على ذلك وجود أوضاع كثيرة وكتب عديدة يقصر عنها الحصر بخط يده (١). وقال عنه ابنه: هو من أكتب أهل زمنه (٢). وقال عنه: قوي الخط دقيقه (٣). فربما كانت هذه الدقة أيضاً السبب في بعض ذلك عندما ينقل النساخ من خطه فيخطئون، وقد سبق القول: إنه ترك كتابه "المشارق" في أنهى درجات التثبيج والإدماج والإشكال وإهمال الحروف (٤).

قد يكون هذا مخرجاً، وإلا فمن يصدق أن القاضي عياضاً يرتكب أخطاء في النحو في باب الفاعل والمفعول والعدد وفي التعبير البسيط، وهو الذي ناقش طويلاً في "بغية الرائد" لغة "أكلوني في البراغيث"، واستعرض مذاهب النحويين فيها (٥). وتوقف وانتقد بعض الأخطاء في باب العدد (٦) حتى قال الدكتور عبد الله الطيب: "حديثه عن العربية في مفتتح شرحه لمسائل الحديث - يعني: حديث أم زرع - ربما يعيننا على تصحيح بعض أسطار باب العدد في الجزء الثاني من كتاب سيبويه" (٧).

كيف أيضاً وهو اللغوي صاحب "المشارق"، الذي استفاد من تراثه اللغوي المجد الفيروزآبادي في القاموس، وابن الطيب الفاسي في سائر


(١) طبقات المالكية: ٣١٤، وأزهار الرياض: ٣/ ٢١.
(٢) التعريف: ٤.
(٣) التعريف: ٥.
(٤) أزهار الرياض: ٤/ ٣٤٣.
(٥) انظر: بغية الرائد: ٢٦ - ٣٠.
(٦) انظر: بغية الرائد: ٣١، ١١٨.
(٧) انظر: مجلة المناهل، عدد ١٩، ص: ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>