للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البياض الذي يبقى بعد الحمرة، وإليه جنح أبو حنيفة (١)، وحكاه بعض المتأخرين (٢) عن مالك.

والذي روي عنه في هذا البياض (٣) عندي أبين على طريق الاحتياط والخروج من خلاف أهل اللسان والفقه.

وقال آخرون: الشفق ينطلق على الحمرة والبياض في اللغة، لكن تعلق العبادة هل يكون بمغيب أول ما ينطلق عليه الإسم أو بآخره؟ وهو موضع الخلاف. وقيل (٤): الشفق الأحمر غير القاني، والأبيض غير الناصع (٥).

والإسفار: البيان والكشف، وسفرت المرأة عن وجهها إذا كشفته. وهو يقع أولاً على انصداع الفجر وبيانه، وعليه يحمل قوله - عليه السلام -: "أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر" (٦)، أي صلوها عند استبانة الصبح ولأول ظهوره لكم. والإسفار الثاني هو قوة الحمرة والضياء قبل طلوع الشمس، وذلك آخر وقت صلاة الصبح الذي ليس بعده إلا ظهور قرصها. وقد اختلف هل هو وقت أداء لها أو وقت ضرورة؟ وعليه حمل أبو حنيفة


(١) ذكره عنه السرخسي في المبسوط: ١/ ١٤٤.
(٢) في المنتقى: ١/ ١٥: حكى الداودي أن ابن القاسم قال عن مالك في السماع: إن البياض عندي أبين، قال: وكأنه في هذا القول يريد الاحتياط. فهذا مثل ما قاله عياض بعد هذا، وفي الإكمال ٢/ ٥٧٤: أن مالكاً قال فيه بالقولين - الحمرة والبياض - وقال: البياض أبين على جهة الاحتياط، ومشهور قوله الحمرة. وما يظهر أنه ترجيح من المؤلف قد يكون كذلك، وقد يكون حكاية لما روي عن الإمام، وفي تعبيره بعض القلق.
(٣) في غير خ والتقييد: ١/ ١١٨: هو عندي.
(٤) حكاه المؤلف عن الخطابي في الإكمال: ٢/ ٥٧٤.
(٥) انظر المادة أيضاً في المشارق: ٢/ ٢٥٦.
(٦) رواه ابن حبان في صحيحه: ٤/ ٣٥٧ - ٣٥٨ عن رافع بن خديج، والترمذي في الصلاة باب ما جاء في الإسفار بالفجر عن رافع أيضاً، وقال: حسن صحيح، وقال: وفي الباب عن أبي برزة الأسلمي وجابر وبلال.