للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والأمر عندي خلاف ما تخيله (١)، ألا تراه كيف قال في حديث أبي هريرة: "هذا أحسن ما سمعت في الدعاء"، فإن كان أراد ما ذكر في الحديث من الدعاء للجنازة كما قال - وهو ظاهر لفظه - فليس فيه خلاف لما تقدم، وإن كان أراد ما ذكر في الحديث كله من حمد وثناء وصلاة فقد سمى جميعه دعاء، مع أنه في أول المسألة إنما سأله (٢): "هل وقت لكم مالك فيه دعاء على النبي عليه السلام وعلى المؤمنين؟ " (٣)، أي حد في ذلك دعاء وعينه دون غيره، فقال: "ما علمت أنه قال إلا الدعاء"، فنفى (٤) أن يكون وقت شيئاً غير الدعاء، والذي وقت من الدعاء ما استحسنه من حديث أبي هريرة، وغيرُ ذلك من ثناء وغيرِه غيرُ مؤقت، يقول من ذلك ما تيسر عليه كما جاء في حديث أبي هريرة غير مؤقت، وترجح عنده حديث أبي هريرة للاقتداء به. ولفظة التوقيت هنا مجازية.

وقوله (٥): "فقام وسْطَها"، بسكون السين قيدناه عن بعض شيوخنا (٦)، قال أبو علي الجياني: كذا رده علي القاضي أبو بكر بن صاحب الأحباس (٧). وقال ابن دريد (٨): وسْط الدار ووسَطها سواء.


(١) في ل وس وح وم: يحمله.
(٢) المدونة: ١/ ١٧٤/ ٨.
(٣) في التقييد: ١/ ٢٧١ أن القاضي عياضاً نقله: هل وقت مالك دعاء لله وعلى النبي وعلى المؤمنين.
(٤) كذا في ل وق وز، مصححاً عليه في ز، وهو الراجح. وفي خ: فبقي، وفي سائر النسخ: قبل.
(٥) الذي في المدونة - طبعة صادر: ١/ ١٧٥/ ٧ وطبعة الفكر ١/ ١٥٩/ ٧ - : "قام عند وسطه"، والسياق يرجحه؛ إذ فيه: فإن كان رجلاً ...
(٦) هو أبو بكر - يعني الأسدي - كما أفصح عنه المؤلف في الإكمال: ٣/ ٤٣٠ والمشارق: ٢/ ٢٩٥، وسبق للمؤلف ضبط هذه اللفظة.
(٧) هو عيسى بن محمَّد بن عيسى الرعيني أبو بكر، روى عن أبي الوليد بن ميقل والمهلب بن أبي صفرة وأبي عمران الفاسي. كان من جملة العلماء وكبار المحدثين. روى عنه الناس كثيراً. وهو فقيه أهل المرية ومقدمهم في العلم والرواية والفتيا والأدب. تفقه عنده في البخاري وغيره، وكان يتكلم عليه. توفي ٤٧٠ (انظر الصلة: ٢/ ٦٣٤ والمدارك: ٨/ ١٥٣). وكرر المؤلف هذا عنه أيضاً في المشارق: ٢/ ٢٩٥.
(٨) في المطبوع من الإكمال: ابن دينار، وترجم المحقق لمحمد بن دينار الفقيه الحنفي، =