للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ أَدَبِ الْقَاضِي

يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ، لَينًا مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ، حَلِيمًا، ذَا أَنَاةٍ وَفِطْنَةٍ، بَصِيرًا بِأَحْكَامِ الْحُكَّامِ قَبْلَهُ.

وَإِذا وَلِيَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ، سَأَلَ عَنْ عُلَمَائِهِ وَعُدُولِهِ، وَيُنْفِذُ عِنْدَ مَسِيرِهِ مَنْ يُعْلِمُهُمْ بِيَوْمِ دُخُولهِ لِيَتَلَقَّوْهُ. وَيَدْخُلُ الْبَلَدَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ أَوِ الْخَمِيسِ أَوِ السَّبْتِ، لَابِسًا أَجْمَلَ مَلْبُوسِهِ، وَيَأْتِي الْجَامِعَ فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَيَجْلِسُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، فَإِذا اجْتَمَعَ النَّاسُ أَمَرَ (١) بِعَهْدِهِ فَيُقْرَأُ عَلَيْهِمْ، وَيَأْمُرُ مَنْ يُنادِي بِيَوْمِ جُلُوسِهِ لِلْحُكْمِ، ثُمَّ يَمْضِي إِلَى مَنْزِلهِ.

ثُمَّ يَنْفُذُ فَيَتَسَلَّمُ دِيوَانَ الْحُكْمِ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُ، ثُمَّ يَخْرُجُ يَوْمَ الْوَعْدِ بِأَعْدَلِ أَحْوالِهِ، غَيْرَ غَضْبَانَ، وَلَا جَائِعٍ، وَلَا شَبْعَانَ، وَلَا حَاقِنٍ، وَلَا مَهْمُومٍ بِأَمْرٍ يَشْغَلُهُ عَنِ الْفَهْمِ، وَيُسَلِّمُ عَلَى مَنْ مَرَّ بِهِ وَإِنْ كَانَ صَبيًّا، وَعَلَى مَنْ فِي مَجْلِسِهِ، وَيُصَلَّي فِيهِ إِنْ كَانَ مَسْجِدًا تَحِيَّتَهُ، وَإِلَّا خُيِّرَ.

وَيَجْلِسُ عَلَى بِساطٍ، وَيَسْأَلُ اللَّه تَوْفِيقَهُ لِلْحُكْمِ، وَعِصْمَتَهُ مِنْ زَلَلِ الْقَوْلِ والْعَمَلِ. وَلْيَكُنْ مَجْلِسُهُ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ فَسِيحًا؛ كالْجَامِعِ، والدَّارِ الْوَاسِعَةِ، وَلَا يَتَّخِذْ فِيهِ حاجِبًا وَلَا بَوَّابًا. وَإِنِ اتَّخَذَ كاتِبًا فَلْيَكُنْ مُسْلِمًا، عَدْلًا، حَافِظًا، مَجْلِسُهُ بِحَيْثُ يُشاهِدُ ما يَكْتُبُهُ.


(١) في الأصل: "أمرًا".

<<  <   >  >>