فكان أكثر الآثار في هذا الباب هي الموافقة لهذا المذهب الأخير، فأردنا أن ننظر في معاني الأقوال الأول، فكان النعمان بن بشير قد أخبر في حديثه "أن رسول الله ﷺ كان يصلي ركعتين ويسلم ويسأل" فاحتمل أن يكون النعمان علم من رسول الله ﷺ السجود بعد كل ركعة وعلمه من وافقه على أن رسول الله ﷺ صلى ركعتين ولم يعلم الذين قالوا: ركع ركعتين أو أكثر من ذلك قبل أن يسجد لما كان من طول صلاته فتصحيح حديث النعمان هذا مع هذه الآثار هو أن يجعل صلاته كما قال النعمان، لأن ما روي عن علي وابن عباس وعائشة ﵃ يدخل في ذلك ويزيد عليه حديث النعمان، فهو أولى من كل ما خالفه. ثم قد شدّ ذلك ما حكاه قبيصة من قول رسول الله ﷺ وإن كان ذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة فأخبرنا أنه إنما يصلّى في الكسوف كما تصلي المكتوبة، ثم رجعنا إلى قول الذين لم يوقّتوا في ذلك شيئا لما روَوْه عن ابن عباس، فكان قول رسول الله ﷺ في حديث قُيصة:"فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة" دليلا على أن الصلاة في ذلك مؤقتة معلومة، لها وقت معلوم، وعدد معلوم، فبطل بذلك ما ذهب إليه المخالفون لهذا الحديث.
وأما قولهم: إن رسول الله ﷺ قال: "فإذا رأيتم ذلك فصلوا حتى تنجلي" فقالوا: ففي هذا دليل على أنه لا ينبغي أن يقطع الصلاة إذا كان ذلك حتى تنجلي.