وقد حكي هذا القول الذي ذكرناه في بئر بضاعة عن الواقدي، حدثنيه (١) أبو جعفر أحمد بن أبي عمران، عن أبي عبد الله محمد بن شجاع الثلجي، عن الواقدي أنها كانت كذلك.
وكان من الحجة في ذلك أيضا أنهم قد أجمعوا أن النجاسة إذا وقعت في البئر فغلبت على طعم مائها، أو ريحه أو لونه، أن ماءها قد فسد.
وليس في حديث بئر بضاعة من هذا شيء، إنما فيه أن النبي ﷺ سئل عن بئر بضاعة، فقيل له: إنه يلقى فيها الكلاب والمحائض. فقال:"إن الماء لا ينجسه شيء".
ونحن نعلم أن بئرًا لو سقط فيها ما هو أقل من ذلك لكان محالًا أن لا يتغير ريح مائها أو طعمه، هذا مما يعقل ويعلم.
فلما كان ذلك كذلك، وقد أباح لهم النبي ﷺ ماءها، وأجمعوا أن ذلك لم يكن، وقد داخل الماء التغير من جهة من الجهات اللاتي ذكرنا؛ استحال عندنا - والله أعلم- أن يكون سؤالهم النبي ﷺ عن مائها، وجوابه إياهم في ذلك بما أجابهم، كان والنجاسة في البئر. ولكنه -والله أعلم- كان بعد أن أخرجت النجاسة من البئر، فسألوا النبي ﷺ عن ذلك: هل يطهر بإخراج النجاسة منها فلا ينجس ماؤها الذي يطرأ عليها بعد ذلك؟ وذلك موضع مشكل، لأن