قال: وكان مذهب عثمان بن عفان ﵁ أن لا يقصر الصلاة إلا من كان يحتاج إلى حمل الزاد والمزاد، ومن كان شاخصا، فأما من كان في مصر مستغنيا به عن حمل الزاد والمزاد فإنه يتم الصلاة.
قالوا ولهذا أتم الصلاة بمنى، لأن أهلها في ذلك الوقت كثروا حتى صارت مصرا استغنى من حل به عن حمل الزاد والمزاد وهذا المذهب عندنا فاسد لأن منى لم تصر في زمن عثمان بن عفان أعمر من مكة في زمن رسول الله ﷺ. فقد كان رسول الله ﷺ يصلي بها ركعتين، ثم صلى بها أبو بكر ﵁ بعده كذلك، ثم صلى بها عمر بعد أبي بكر ﵁ كذلك.
فإذا كانت مكة مع عدم احتياج من حل بها إلى حمل الزاد والمزاد، يقصر فيها الصلاة، فما دونها من المواطن أحرى أن يكون كذلك.
فقد انتفت هذه المذاهب كلها بفسادها، عن عثمان ﵁ أن يكون من أجل شيء منها قصر الصلاة غير المذهب الأول الذي حكاه معمر عن الزهري، فإنه يحتمل أن يكون من أجله أتمها، وفي ذلك الحديث أن إتمامه لنيته الإقامة على ما روينا فيه، وعلى ما كشفنا من معناه.
وأما ما رويناه عن حذيفة، فليس فيه دليل أيضا على الإتمام في السفر كان ذلك السفر طاعة أو غير طاعة. لأنه قد يجوز أن يكون من رأيه، أن لا يقصر الصلاة إلا حاج أو معتمر أو مجاهد، كما قد روي عن ابن مسعود ﵁ فإنه