الإناء الذي قد نجس من ولوغ الكلب فيه أن يغسل، ولم يأمر أن يكسر، وقد تشرب من الماء النجس.
فكما لم يؤمر بكسر ذلك الإناء، فكذلك لا يؤمر بطمّ تلك البئر.
فإن قال قائل: فإنا قد رأينا الإناء يغسل، فلم لا كانت البئر كذلك؟
قيل له: إن البئر لا يستطاع غسلها، لأن ما يغسل به يرجع فيها وليست كالإناء الذي يهراق منه ما يغسل به.
فلما كانت البئر مما لا يستطاع غسلها وقد ثبت طهارتها في حال ما، فكان كل من أوجب نجاستها بوقوع النجاسة فيها فقد أوجب طهارتها بنزحها وإن لم ينزح ما فيها من طين.
فلما كان بقاء طينها فيها لا يوجب نجاسة ما يطرأ فيها من الماء، وإن كان يجري على ذلك الطين، كان إذا ماسّ حيطانها أحرى أن لا تنجس، ولو كان ذلك مأخوذا من طريق النظر، لما طهرت حتى تغسل حيطانها ويخرج طينها ويحفر فلما أجمعوا أن نزح طينها وحفرها غير واجب، كان غسل حيطانها أحرى أن لا يكون واجبا.
وهذا كله قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، رحمهم الله تعالى.