فمعنى هذا عندنا -والله أعلم- أنه إنما يجب سجود السهو في الصلاة إذا فعل فيها ما لا ينبغي أن يفعل فيها مثل القيام من القعود، أو القعود في غير موضع القعود، أو ما أشبه ذلك مما لو فعل على العمد، كان فاعله مسيئا.
فأما ما فعل فيها مما ليس بمكروه فيها، فليس فيه سجود السهو، وكان حكم الصلاة يوم ذي اليدين لا بأس بالكلام فيها والتصرف. فلما فعل ذلك فيها على السهو، وكان فاعله على العمد غير مسيء كان فاعله على السهو غير واجب عليه سجود السهو.
فهذا مذهب الذين ذهبوا إلى أن رسول الله ﷺ لم يسجد يومئذ. وهذا حجة لأهل المقالة التي بيناها في هذا الباب.
وكان مذهب الذين ذكروا أنه سجد يومئذ أن الكلام والتصرف وإن كانا مباحين في الصلاة يومئذ فلم يكن من المباح يومئذ أن يسلم في الصلاة قبل أوان السلام. فلما سلم النبي ﷺ فيها سلاما أراد به الخروج منها على أنه قد كان أتمها، وكان ذلك مما لو فعله فاعل على العمد كان مسيئا لما فعله على السهو وجب فيه سجود السهو. فهذا مذهب أهل هذه المقالة في هذا الحديث.