قال أبو جعفر: فدل ذلك على أن الذي حرم من الشاة بموتها هو الذي يراد للأكل لا غير ذلك من جلودها وعصبها.
فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.
وأما وجهه من طريق النظر، فإنا قد رأينا الأصل المجتمع عليه أن العصير لا بأس بشربه والانتفاع به ما لم يحدث فيه صفات الخمر. فإذا حدثت فيه صفات الخمر حرم بذلك، ثم لا يزال حرامًا كذلك حتى تحدث فيه صفات الخل. فإذا حدثت فيه صفات الخل حل. فكان يحل بحدوث الصفة، ويحرم بحدوث صفة غيرها، وإن كان بدنًا واحدا.
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك جلد الميتة يحرم بحدوثه صفة الموت فيه، ويحل بحدوث صفة الأمتعة فيه من الثياب وغيرها فيه. فإذا دبغ فصار كالجلود والأمتعة فقد حدثت فيه صفة الحلال. فالنظر على ما ذكرنا أن يحل أيضا بحدوث تلك الصفة فيه.
وحجة أخرى: أنا قد رأينا أصحاب رسول الله ﷺ لما أسلموا لم يأمرهم رسول الله ﷺ بطرح نعالهم وخفافهم وأنطاعهم التي كانوا اتخذوها في حال جاهليتهم، وإنما كان ذلك من ميتة أو من ذبيحة. فذبيحتهم حينئذ إنما كانت ذبيحة أهل الأوثان، فهي في حرمتها على أهل الإسلام كحرمة الميتة. فلما لم يأمرهم
= وأخرجه أحمد (٢٣٦٩)، والدارمي (١٩٨٨ - ١٩٨٩)، والبخاري (١٤٩٢)، ومسلم (٣٦٣) (١٠١)، وأبو داود (٤١٢٠)، والنسائي ٧/ ١٧٢، وأبو عوانة ١/ ٢٠٩ - ٢١٠، وابن حبان (١٢٨٤)، والدارقطني، ١/ ٤١، ٤٢، ٤٣، والبيهقي ١/ ١٥، ٢٠، ٢٣ من طرق عن الزهري به.