للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال أبو جعفر: فهذه الآثار المروية عن رسول الله ، تخبر أن الفخذ عورة، ولم يضادها أثر صحيح. فقد ثبت بها أن الفخذ عورة تبطل الصلاة بكشفها كما تبطل بكشف ما سواها من العورات. فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

وأما وجه ذلك من طريق النظر، فإنا رأينا الرجل ينظر من المرأة التي لا محرم بينه وبينها إلى وجهها وكفيها، ولا ينظر إلى ما فوق ذلك من رأسها، ولا إلى أسفل من بطنها، وظهرها، وفخذيها، وساقيها، ورأيناه في ذات المحرم منه لا بأس أن ينظر منها إلى صدرها، وشعرها، ووجهها، ورأسها، وساقها، ولا ينظر إلى ما بين ذلك من بدنها.

وكذلك رأيناه ينظر من الأمة التي لا ملك له عليها، ولا محرم بينه وبينها، فكان كل ممنوعا من النظر من ذات المحرم منه ومن الأمة التي ليست بمحرم له، ولا ملك له عليها إلى فخذها كما كان ممنوعا من النظر إلى فرجها فصار حكم الفخذ من النساء، كحكم الفرج لا كحكم الساق.

فالنظر على ذلك أن يكون من الرجال أيضا كذلك، وأن يكون حكم فخذ الرجل في النظر إليه كحكم فرجه في النظر إليه، لا كحكم ساقه. فلما كان النظر إلى فرجه محرما، كان كذلك النظر إلى فخذه محرما، وكذلك كل ما كان حراما على الرجل أن ينظر إليه من ذات المحرم منه، فحرام على الرجال أن ينظر إليه بعضهم من بعض. وكل ما


= وأخرجه أحمد (١٥٩٣٣)، وابن حبان (١٧١٠)، والطبراني في الكبير (٢١٣٨) من طريقين عن سفيان الثوري، عن أبي الزناد به.