للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال أبو جعفر: فذهب قوم (١) إلى أن الصدقة لا تحل لذي المرة السوي، وجعلوه فيها كالغني، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

وخالفهم في ذلك آخرون (٢)، فقالوا: كل فقير من قوي وزمن فالصدقة له حلال. وذهبوا في تأويل هذه الآثار المتقدمة إلى أن قول النبي : "لا تحل الصدقة لذي مرة سوي" أي أنها لا تحل له، كما تحل للفقير الزمن الذي لا يقدر على غيرها، فيأخذها على الضرورة وعلى الحاجة من جميع الجهات منه إليها. فليس مثله ذو المرّة السوي القادر على اكتساب غيرها في حلها، له؛ لأن الزمن الفقير يحل له من قبل الزمانة، ومن قبل عدم قدرته على غيرها.

وذو المرّة السوي إنما تحل له من جهة الفقر خاصّة، وإن كانا جميعا قد يحل لهما أخذها، فإن الأفضل لذي المرّة السوي تركها، والأكل من الاكتساب بعمله. وقد يغلظ الشيء من هذا فيقال: لا يحل أو لا يكون كذا على أنه غير متكامل الأسباب التي بها يحل ذلك المعنى، وإن كان ذلك المعنى قد يحلّ بما دون تكامل تلك الأسباب من ذلك ما روي عن رسول الله أنه قال: "ليس المسكين بالطواف ولا بالذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان، ولكن المسكين الذي لا يسأل، ولا يفطن له


(١) قلت أراد بهم: الشافعي، وأحمد في رواية، وإسحاق، وبعض المالكية، وأبا عبيد القاسم بن سلام ، كما في النخب ١٠/ ١٠٧.
(٢) قلت أراد بهم: أبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، وأحمد في رواية، ومالكا، وابن جرير الطبري ، كما في النخب ١٠/ ١١٠.