٢٧٩٦ - حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا حماد بن سلمة، وهمام، عن هشام … فذكر بإسناده مثله (١).
قالوا: فقد قال لهما: "لا حق فيها لقوي مكتسب" فدلّ ذلك على أن القوي المكتسب لا حظ له في الصدقة، ولا تجزئ من أعطاه منها شيئا.
فالحجة للآخرين عليهم في ذلك أن قوله ﵇:"إن شئتما فعلتُ ولا حق فيها لغني" أي إن غناكما يخفى علي، فإن كنتها غنيين فلا حق لكما فيها، وإن شئتما فعلت، لأني لم أعلم بغناكما، فمباح لي إعطاؤكما، وحرام عليكما أخذ ما أعطيتكما إن كنتما تعلمان من حقيقة أموركما في الغنى خلاف ما أرى من ظاهر كما الذي استدللت به على فقركما. فهذا معنى قوله:"إن شئتما فعلت، ولا حق فيها لغني".
وأما قوله:"ولا لقوي مكتسب" فذلك على أنه لا حق للقوي المكتسب من جميع الجهات التي بها يجب الحق فيها، فعاد معنى ذلك إلى معنى ما ذكرنا من قوله:"ولا لذي مرة قوي". وقد يقال: فلان عالم حقا، إذا تكاملت فيه الأسباب التي بها يكون الرجل عالما، ولا يقال: هو عالم حقا إذا كان دون ذلك وإن كان عالما فكذلك لا يقال: فقير حقا إلا لمن تكاملت فيه الأسباب التي يكون بها الفقير فقيرا وإن كان فقيرا، ولهذا قال لها:"ولا حق فيها لقوي مكتسب" أي: ولا حق له فيها، حتى يكون به من أهلها حقا، وهو قوي مكتسب. ولولا أنه يجوز للنبي ﷺ إعطاؤه للقوي المكتسب إذا كان فقيرا لما قال لهما:"إن شئتما فعلت".