زوجها من زكاة مالها إذا كان فقيرا. وإنما نلتمس حكم ذلك بعد من طريق النظر وشواهد الأصول، فاعتبرنا ذلك، فوجدنا المرأة باتفاقهم لا يعطيها زوجها من زكاة ماله، وإن كانت فقيرة، ولم تكن في ذلك كغيرها؛ لأنا رأينا الأخت يعطيها أخوها من زكاته إذا كانت فقيرة وإن كان على أخيها أن ينفق عليها، ولم تخرج بذلك من حكم من يعطى من الزكاة.
فثبت بذلك أن الذي يمنع الزوج من إعطاء زوجته من زكاة ماله ليس هو وجوب النفقة لها عليه، ولكنه السبب الذي بينه وبينها، فصار ذلك كالسبب الذي بينه وبين والديه في منع ذلك إياه من إعطائهما من الزكاة. فلما ثبت بما ذكرنا أن سبب المرأة الذي منع زوجها أن يعطيها من زكاة ماله وإن كانت فقيرة، هو كالسبب الذي بينه وبين والديه الذي يمنعه من إعطائهما من زكاته وإن كانا فقيرين، ورأينا الوالدين لا يعطيانه أيضا من زكاتهما، إذا كان فقيرا، فكان الذي بينه وبين والديه من السبب يمنعه من إعطائهما من الزكاة، ويمنعهما من إعطائه من الزكاة. فكذلك السبب الذي بين الزوج والمرأة، لما كان يمنعه من إعطائها من الزكاة، كان أيضا يمنعها من إعطائه من الزكاة.
وقد رأينا هذا السبب بين الزوج والمرأة يمنع من قبول شهادة كل واحد منهما لصاحبه، فجعلا في ذلك كذوي الرحم المحرم الذي لا تجوز شهادة كل واحد منهما لصاحبه. ورأينا أيضا كل واحد منهما لا يرجع فيما وهب لصاحبه في قول من يجيز الرجوع في الهبة فيما بين القريبين. فلما كان الزوجان فيما ذكرنا قد جعلا كذوي الرحم