قيل له: هذا محال؛ لأن رسول الله ﷺ أخبر في هذه الآثار أن ذلك الواجب من العشر أو نصف العشر فيما يسقى بالأنهار أو بالعيون أو بالرشاء أو بالدالية، فكان وجه الكلام على كل ما خرج مما سقي بذلك. وقد رويتم أنتم عن رسول الله ﷺ أنه رد ماعزا عندما جاء، فأقر عنده بالزنا أربع مرات، ثم رجمه بعد ذلك. ورويتم أن رسول الله ﷺ قال لأنيس:"اغد على امرأة هذا، فإن اعترفت، فارجمها". فجعلتم هذا دليلا على أن الاعتبار بالإقرار بالزنا مرة واحدة، لأن ذلك ظاهر قول رسول الله ﷺ:"فإن اعترفت فارجمها". ولم تجعلوا حديث ماعز المفسر قاضيا على حديث أنيس هذا المجمل، فيكون الاعتراف المذكور في حديث أنيس المجمل، هو الاعتراف المذكور في حديث ماعز المفسر.
فإذا كنتم قد فعلتم هذا فيما ذكرنا، فما تنكرون على من فعل في أحاديث الزكوات ما وصفنا، بل حديث أنيس أولى أن يكون معطوفا على حديث ماعز؛ لأنَّه ذكر فيه الاعتراف. وإقراره مرة واحدة ليس هو اعتراف بالزنا الذي يوجب الحد عليه في قول مخالفكم. وحديث معاذ وابن عمر وجابر ﵃ في الزكاة، إنما فيه ذكر إيجابها فيما سقي بكذا وفيما سقي بكذا. فذلك أولى أن يكون مضادا لما فيه ذكر الأوساق من حديث أنيس، لحديث ماعز. وقد حمل حديث معاذ وجابر وابن عمر ﵃، على ما ذكرنا، وذهب في معناه إلى ما وصفنا إبراهيم النخعي، ومجاهد.