للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلم يرد بذلك أنه ليس بمؤمن إيمانا خرج بتركه إياه إلى الكفر، ولكنه أراد به أنه ليس في أعلى مراتب الإيمان. في أشباه لهذا كثيرة، يطول الكتاب بذكرها.

فكذلك قوله: "لا وضوء لمن لم يسم" لم يرد بذلك: أنه ليس بمتوضئ وضوءا لم يخرج به من الحدث، ولكنه أراد: أنه ليس بمتوضئ وضوءا كاملا في أسباب الوضوء الذي يوجب الثواب.

فلما احتمل هذا الحديث من المعاني ما وصفنا، ولم يكن هناك دلالة يقطع بها لأحد التأويلين على الآخر؛ وجب أن يجعل معناه موافقا لمعاني حديث المهاجر، حتى لا يتضادان.

فثبت بذلك أن الوضوء بلا تسمية يخرج به المتوضئ من الحدث إلى الطهارة.

وأما وجه ذلك من طريق النظر، فإنا رأينا أشياء لا يدخل فيها إلا بكلام.

منها العقود التي يعقدها بعض الناس لبعض من البياعات والإجارات والمناكحات والخلع وما أشبه ذلك.

وكانت تلك الأشياء لا تجب إلا بأقوال، وكانت الأقوال منها إيجاب، لأنه يقول "قد بعتك، قد زوجتك، قد خلعتك".

فتلك أقوال فيها ذكر العقود.


= (٢٦٩٩)، والطبراني (١٢٧٤١)، والحاكم ٤/ ١٦٧، والخطيب في التاريخ ١٠/ ٣٩١ - ٣٩٢، والبيهقي ١٠/ ٣ من طرق عن سفيان الثوري به، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وقال الهيثمي في المجمع ٨/ ١٦٧، أخرجه الطبراني وأبو يعلى ورجاله ثقات، قلت: وصححه الضياء في المختارة ١/ ٦٢.