للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فكذلك الرأس لما وجب مسح ما ظهر منه ثبت أنه لا يجوز مسح ما بطن منه ليكون حكمه كله حكما واحدا، كما كان حكم الرجلين إذا غيبت بعضهما في الخفين حكما واحدًا.

فلما اكتفى النبي في هذا الأثر بمسح الناصية عن مسح ما بقي من الرأس دل ذلك أن الفرض في مسح الرأس هو مقدار الناصية وأن ما فعله فيما جاوز به الناصية فيما سوى ذلك من الآثار كان دليلا على الفضل لا على الوجوب حتى تستوي هذه الآثار ولا تتضاد، فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار.

وأما من طريق النظر، فإنا رأينا الوضوء يجب في أعضاء. فمنها ما حكمه أن يغسل، ومنها ما حكمه أن يمسح.

فأما ما حكمه أن يغسل فالوجه واليدان والرجلان في قول من يوجب غسلها.

فكل قد أجمع أن ما وجب غسله من ذلك فلا بد من غسله كله ولا يجزئ غسل بعضه دون بعض، وكان ما وجب مسحه من ذلك، هو الرأس.

فقال قوم (١): حكمه أن يمسح كله كما تغسل تلك الأعضاء كلها.

وقال آخرون (٢): يمسح بعضه دون بعض.

فنظرنا في حكم المسح كيف هو؟ فرأينا حكم المسح على الخفين قد اختلف فيه.


(١) قلت أراد بهم: مالكا، وابن علية، وأحمد في رواية ، كما في النخب ١/ ٤٣٠.
(٢) قلت أراد بهم: أبا حنيفة، وأصحابه، والشافعي، وغيرهم ، كما في المصدر السابق.