لا يفعل لعدم وقته وجب مكانه الدم. وكانت جمرة العقبة إذا رُميت من غد يوم النحر قضاء عن رمي يوم النحر، فقد رميت في يوم هو من وقتها، ولولا ذلك لما أمر برميها كما لا يؤمر تاركها إلى بعد انقضاء أيام التشريق برميها بعد ذلك. فلما كان اليوم الثاني من أيام النحر هو وقت لها، وقد ذكرنا مما قد أجمعوا عليه أن ما فعل في وقته من أمور الحج، فلا شيء على فاعله، كان كذلك هذا الرامي لها، لمّا رماها في وقتها، فلا شيء عليه.
فإن قال قائل: إنما أوجبنا عليه الدم بتركه رميها يوم النحر وفي الليلة التي بعده للإساءة التي كانت منه في ذلك.
قيل له: فقد رأينا تارك طواف الصدر حتى يرجع إلى أهله، وتارك السعي بين الصفا والمروة حتى يرجع إلى أهله مسيئين، وأنت تقول: إنهما إذا رجعا ففعلا ما كان من ذلك أن إساءتهما لا توجب عليهما دما؛ لأنهما قد فعلا ما فعلا من ذلك في وقته. فكذلك الرامي في اليوم الثاني من أيام منى جمرة العقبة، لما كان وجب عليه في يوم النحر يكون راميا لها في وقتها، فلا شيء عليه في ذلك غير رميها.
فهذا هو النظر في هذا الباب، وهو قول أبي يوسف، ومحمد، رحمهما الله تعالى.