فهذا ابن عباس يوجب على من قدم شيئا من نسكه أو أخره دما، وهو أحد من روى عن النبي ﷺ أنه ما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر من أمر الحج إلا قال "لا حرج".
فلم يكن معنى ذلك عنده معنى الإباحة في تقديم ما قدموا، ولا في تأخير ما أخروا، مما ذكرنا، إذ كان يوجب في ذلك دما.
ولكن كان معنى ذلك عنده، على أن الذين فعلوه في حجة النبي ﷺ كان على الجهل منهم بالحكم فيه كيف هو؟ فعذرهم بجهلهم وأمرهم في المستأنف أن يتعلموا مناسكهم.
وتكلم الناس بعد هذا في القارن إذا حلق قبل أن يذبح. فقال أبو حنيفة ﵀:"عليه دم"، وقال زفر:"عليه دمان".
وقال أبو يوسف، ومحمد رحمهما الله: لا شيء عليه واحتجا في ذلك بقول رسول الله ﷺ الذين سألوه عن ذلك، على ما قد روينا في الآثار المتقدمة، وبجوابه لهم أن لا حرج عليهم في ذلك.
وكان من الحجة عليهما في ذلك لأبي حنيفة وزفر رحمهما الله، ما ذكرنا من شرح معاني هذه الآثار.
وحجة أخرى، وهي أن السائل لرسول الله ﷺ، لم يعلم هل كان قارنا أو مفردا، أو متمتعا فإن كان مفردا فأبو حنيفة ﵀، وزفر، لا ينكران أن يكون
=ومالك في موطئه (٢٤٠) من طريق أيوب، عن سعيد بن جبير به.