للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال أبو جعفر: فذهب قوم (١) إلى أن الصبي إذا حج قبل بلوغه أجزأه ذلك من حجة الإسلام، ولم يكن عليه أن يحج بعد ذلك بعد بلوغه، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.

وخالفهم في ذلك آخرون (٢) فقالوا: لا يجزئه من حجة الإسلام، وعليه بعد بلوغه حجة أخرى.

وكان من الحجة لهم عندنا على أهل المقالة الأولى أن هذا الحديث إنما فيه أن رسول الله أخبر أن للصبي حجا، وهذا مما قد أجمع الناس جميعا عليه، ولم يختلفوا أن للصبي حجا كما أن له صلاة وليست تلك الصلاة بفريضة عليه.

فكذلك أيضا قد يجوز أن يكون له حج، وليس ذلك الحج بفريضة عليه، وإنما هذا الحديث حجة على من زعم أنه لا حج للصبي.

فأما من يقول: إن له حجا وإنه غير فريضة فلم يخالف شيئا من هذا الحديث، وإنما خالف تأويل مخالفيه خاصة.

وهذا ابن عباس هو الذي روى هذا الحديث عن رسول الله ، ثم قد صرف هو حج الصبي إلى غير الفريضة، وأنَّه لا يجزئه بعد بلوغه من حجة الإسلام.


(١) قلت أراد بهم: داود من الظاهرية، وطائفة من أهل الحديث كما في النخب ١٣/ ٤٩٠.
(٢) قلت أراد بهم: الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهدا، والنخعي، والثوري، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، ومالكا، والشافعي، وأحمد، وآخرين من علماء الأمصار ، كما في المصدر السابق.