للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلما ثبت أن القلم عن الصبي مرفوع، ثبت أن الحج عليه غير مكتوب.

وقد أجمعوا أن صبيا لو دخل في وقت صلاة فصلاها، ثم بلغ بعد ذلك في وقتها أن عليه أن يعيدها، وهو في حكم من لم يصلها.

فلما ثبت ذلك من اتفاقهم ثبت أن الحج كذلك، وأنَّه إذا بلغ وقد حج قبل ذلك أنه في حكم من لم يحج، وعليه أن يحج بعد ذلك.

فإن قال قائل: فقد رأينا في الحج حكما يخالف حكم الصلاة، وذلك أن الله ﷿ إنما أوجب الحج على من وجد إليه سبيلا، ولم يوجبه على غيره.

فكان من لم يجد سبيلا إلى الحج، فلا حج عليه كالصبي الذي لم يبلغ.

ثم قد أجمعوا أن من لم يجد سبيلا إلى الحج، فحمل على نفسه ومشى حتى حج أن ذلك يجزئه، وإن وجد سبيلا بعد ذلك لم يجب عليه أن يحج ثانية للحجة التي قد كان حجها قبل وجوده السبيل.

فكان النظر على ذلك أن يكون كذلك الصبي إذا حج قبل البلوغ، ففعل ما لم يجب عليه أجزاه ذلك، ولم يجب عليه أن يحج ثانية بعد البلوغ.

قيل له: إن الذي لا يجد السبيل إنما سقط الفرض عنه لعدم الوصول إلى البيت، فإذا مشى فصار إلى البيت، فقد بلغ البيت، وصار من الواجدين للسبيل، فوجب الحج عليه لذلك، فلذلك قلنا: إنه أجزأه حجة؛ لأنَّه صار بعد بلوغه البيت كمن كان منزله هنالك فعليه الحج.