غلبوا على مكة فمنعوا المسلمين منها أنه حلال للمسلمين قتالهم، وشهر السلاح بها وسفك الدماء، وأن حكم من بعد النبي ﷺ في ذلك في إباحتها في حكم النبي ﷺ.
فدل ذلك على أن المعنى الذي كان النبي ﷺ خص به فيها، وأحلّت له من أجله ليس هو القتال. وإذا انتفى أن يكون هو القتال ثبت أنه الإحرام.
ألا ترى إلى قول عمرو بن سعيد، لأبي شريح: إن الحرم لا يمنع سافك دم، ولا مانع خربة، ولا خالع طاعة جوابا لما حدثه به أبو شريح عن النبي ﷺ، فلم ينكر ذلك عليه أبو شريح، ولم يقل له: إن النبي ﷺ إنما أراد بما حدثتك عنه، أن الحرم قد يجير كل الناس ولكنه عرف ذلك، فلم ينكره.
وهذا عبد الله بن عباس ﵄، فقد روى ذلك عن النبي ﷺ، ثم قال: من رأيه لا يدخل أحد الحرم إلا بإحرام، وسنذكر ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
فدل قوله هذا أن ما روي عن النبي ﷺ فيما أحلت له ليس هو على إظهار السلاح بها، وإنما هو على المعنى الآخر. لأنَّه لما انتفى هذا القول، ولم يكن غيره وغير القول الآخر، ثبت القول الآخر.
ثم احتجنا بعد هذا إلى النظر في حكم من هم بعد المواقيت إلى مكة، هل لهم دخول الحرم بغير إحرام أم لا؟. فرأينا الرجل إذا أراد دخول الحرم لم يدخله إلا بإحرام، وسواء أراد دخول الحرم لإحرام، أو لحاجة غير الإحرام. ورأينا من أراد دخول المواضع