للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال أبو جعفر: فذهب قوم (١) إلى أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا معا، فقد وقعت عليها واحدة إذا كانت في وقت سنة، وذلك أن تكون طاهرا من غير جماع.

واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، وقالوا: لما كان الله ﷿ إنما أمر عباده أن يطلقوا لوقت على صفة، فطلقوا على غير ما أمرهم به لم يقع طلاقهم.


= عباس -وساق الروايات عنه- ثم قال: فهذه رواية سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وعكرمة وعمرو بن دينار ومالك بن الحارث ومحمد بن إياس بن البكير، ورويناه عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري، كلهم عن ابن عباس، إنه أجاز الثلاث وأمضاهن، قال ابن المنذر: فغير جائز إن نظن بابن عباس أنه يحفظ عن النبي شيئا، ثم يفتى بخلافه. وقال الشافعي: فإن كان، يعني قول ابن عباس: "إن الثلاث كانت تحتسب على عهد رسول الله واحدة"، يعني أنه بأمر رسول الله ، فالذي يشبه -والله أعلم- أن يكون ابن عباس قد علم أن كان شيء فنسخ.
قال البيهقي: ورواية عكرمة عن ابن عباس فيها تأكيد لصحة هذا التأويل. يريد البيهقي الحديث الذي ذكره أبو داود في باب نسخ المراجعة.
وقال أبو العباس بن سريج: يمكن أن يكون ذلك إنما جاء في نوع خاص من الطلاق الثلاث.، وهو أن يفرق بين اللفظين، كأن يقول: أنت طالق، أنت طالق، وكان في عهد النبي ، وعهد أبي بكر والناس على صدقهم وسلامتهم، لم يكن ظهر فيهم الخب والخداع، فكانوا يصدقون أنهم أرادوا به التوكيد، ولا يريدون الثلاث، ولما رأى عمر في زمانه أمورا ظهرت وأحوالا تغيرت منع من حمل اللفظ على التكرار فألزمهم الثلاث.
وقال بعضهم: إن ذلك إنما جاء في غير المدخول بها، وذهب إلى هذا جماعة من أصحاب ابن عباس، ورووا أن الثلاث لا تقع على غير المدخول بها، لأنها بالواحدة تبين، فإذا قال: أنت طالق، بانت، وقوله: "ثلاثا" وقع بعد البينونة، ولا يعتد به، وهذا مذهب إسحاق بن راهويه.
(١) قلت أراد بهم: طاووسا، ومحمد بن إسحاق، والحجاج بن أرطاة النخعي، وابن مقاتل، وبعض الظاهرية ، كما في النخب ١٤/ ٤٦٩.