فإن قال قائل: فقد رأينا العباد أمروا أن لا ينكحوا النساء إلا على شرائط، منها: أنهم منعوا من نكاحهن في عدتهن، فكان من نكح امرأة في عدتها لم يثبت نكاحه عليها، وهو في حكم من لم يعقد عليها نكاحا، فالنظر على ذلك أن يكون كذلك هو إذا عقد عليها طلاقا في وقت قد نهي عن إيقاع الطلاق فيه أن لا يقع طلاقه ذلك، وأن يكون في حكم من لم يوقع طلاقا.
فالجواب في ذلك: أن ما ذكر من عقد النكاح كذلك هو، وكذلك العقود كلها التي يدخل العباد بها في أشياء لا يدخلون فيها إلا من حيث أمروا بالدخول فيها.
وأما الخروج منها فقد يجوز بغير ما أمروا بالخروج به، من ذلك أنا قد رأينا الصلوات قد أمر العباد أن لا يدخلوها إلا بالتكبير، والأسباب التي يدخلون بها فيها، وأمروا أن لا يخرجوا منها إلا بالتسليم.
فكان من دخل في الصلاة بغير طهارة وبغير تكبير لم يكن داخلا فيها، وكان من تكلم فيها بكلام مكروه أو فعل فيها شيئا مما لا يفعل فيها من الأكل والشرب، والمشي، وما أشبهه، خرج به من الصلاة، وكان مسيئا فيما فعل من ذلك في صلاته.
فكذلك الدخول في النكاح لا يكون إلا من حيث أمر العباد بالدخول فيه.
والخروج منه قد يكون بما أمروا بالخروج منه وبغير ذلك. وهذا كله قول أبي حنيفة، وأبي يوسف ومحمد، ﵏.