فكان الحجة عليهم في ذلك: أن الشيء إذا كان له اسمان أحدهما مذكر والآخر مؤنث، فإن جمع بالمذكر أثبتت الهاء، وإن جمع بالمؤنث أسقطت الهاء.
من ذلك أنك تقول: هذا ثوب، وهذه ملحفة، فإن جمعت بالثوب قلت ثلاثة أثواب، وإن جمعت بالملحفة قلت: ثلاث ملاحف، وكذلك هذه دار، وهذا منزل لشيء واحد.
فكان الشيء قد يكون واحدا يسمى باسمين، أحدهما مذكر، والآخر مؤنث، فإذا جمع بالمذكر، فعل فيه كما يفعل في جمع المذكر فأثبتت الهاء، وإن جمع بالمؤنث، فعل فيه كما يفعل في جمع المؤنث، فأسقطت الهاء.
فكذلك الحيضة والقرء، هما اسمان لمعنى واحد، وهو الحيضة، فإن جمع بالحيضة سقطت الهاء، فقيل: ثلاث حيض، وإن جمع بالقرء ثبتت الهاء فقيل "ثلاثة قروء" وذلك اسمان لشيء واحد، فانتفى بذلك ما ذكرنا مما احتج به به المخالف لنا.
وأما وجه هذا الباب من طريق النظر، فإنا قد رأينا الأمة جعل عليها في العدة، نصف ما جعل على الحرة، فكانت الأمة إذا كانت ممن لا تحيض، كان عليها نصف عدة الحرة إذا كانت ممن لا تحيض، وذلك شهر ونصف، فإذا كانت ممن تحيض جعل عليها باتفاقهم حيضتان، وأريد بذلك نصف ما على الحرة، ولهذا قال عمر ﵁ بحضرة أصحاب رسول الله ﷺ:"لو قدرت أن أجعلها حيضة ونصفا، لفعلت".