للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما وجه ذلك من طريق النظر، فإنا قد رأيناهم أجمعوا أن المطلقة طلاقا بائنا وهي حامل من زوجها أن لها النفقة على زوجها، وبذلك حكم الله ﷿ لها في كتابه فقال ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦].

فاحتمل أن تكون تلك النفقة جعلت على المطلق، لأنه يكون عنها ما يغذي الصبي في بطن أمه، فيجب ذلك عليه لولده كما يجب عليه أن يغذيه في حال رضاعه بالنفقة على من ترضعه ويوصل الغذاء إليه، ثم يغذيه بعد ذلك بما يغذى به مثله من الطعام والشراب.

فيحتمل أيضا إذا كان حملا في بطن أمه أنه يجب على أبيه غذاؤه بما يغذى به مثله في حالة تلك من النفقة على أمه، لأن ذلك يوصل الغذاء إليه.

ويحتمل أن تكون تلك النفقة إنما جعلت للمطلقة خاصة لعلة العدة لا لعلة الولد الذي في بطنها.

فإن كانت النفقة على الحامل إنما جعلت لها لمعنى العدة ثبت بذلك قول الذين قالوا: للمبتوتة النفقة والسكنى حاملا كانت أو غير حامل.

وإن كانت العلة التي بها وجبت النفقة هي الولد، فإن ذلك لا يدل على أن النفقة واجبة لغير الحامل، فاعتبرنا ذلك لنعلم كيف الوجه فيما أشكل من ذلك.

فرأينا الرجل يجب عليه أن ينفق على ابنه الصغير في رضاعه حتى يستغني عن ذلك، وينفق عليه بعد ذلك مثل ما ينفق على مثله ما كان الصبي محتاجا إلى ذلك.