للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلما احتمل ذلك رجعنا إلى النظر فوجدنا السنة قد قامت عن رسول الله في المقر بالزنا أنه رده أربع مرات وأنه لم يرجمه بإقراره مرةً واحدةً، وأخرج ذلك من حكم الإقرار بحقوق الآدميين التي يقبل فيها إقراره مرةً واحدةً، ورد حكم الإقرار بذلك إلى حكم الشهادة عليه.

فلما كانت الشهادة عليه غير مقبولة إلا من أربعة، فكذلك جعل الإقرار به لا يوجب الحد إلا بإقراره أربع مرات.

فثبت بذلك أن حكم الإقرار بالسرقة أيضًا كذلك يرد إلى حكم الشهادة عليها.

ولما كانت الشهادة عليها لا تجوز إلا من اثنين فكذلك الإقرار بها لا يقبل إلا مرتين.

وقد رأيناهم جميعاً لما رووا عن رسول الله في المقر بالزنا لما هرب، فقال النبي : "لولا خليتم سبيله"، فكان ذلك عندهم على أن رجوعه مقبول، واستعملوا ذلك في سائر حدود الله ﷿، فجعلوا من أقر بها ثم رجع قبل رجوعه ولم يخصوا الزنا بذلك دون سائر حدود الله ﷿.

فكذلك لما جعل الإقرار في الزنا لا يقبل إلا بعدد ما يقبل عليه من البينة ثبت أنه لا يقبل الإقرار بسائر حدود الله ﷿ إلا بعدد ما يقبل عليها من البينة.

فأدخل محمد بن الحسن في هذا على أبي يوسف فقال: لو كان لا يقطع في السرقة حتى يقّر بها سارقها مرتين لكان إذا أقر أول مرة صار ما أقرّ به عليه ديناً