للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأخبر ابن عباس أن بني إسرائيل لم يكن فيهم دية، أي: أن ذلك كان حراما عليهم أن يأخذوه، أو يتعوضوا بالدم بدلا أو يتركوه حتى يسفكوه، وأن ذلك مما كان كتب عليهم.

فخفف الله تعالى عن هذه الأمة ونسخ ذلك الحكم بقوله: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ١٧٨] معناه: إذا وجب الأداء. وسنبين ما قيل في ذلك في موضعه من هذا الباب إن شاء الله تعالى.

فبين لهم رسول الله ذلك أيضا على هذه الجهة، فقال: "من قتل له ولي فهو بالخيار بين أن يقتص أو يعفو أو يأخذ الدية التي أبيحت لهذه الأمة، وجعل لهم أخذها إذا أعطوها. هذا وجه يحتمله هذا الحديث.

وليس لأحد إذا كان حديث مثل هذا يحتمل وجهين متكافئين أن يعطفه على أحدهما دون الآخر إلا بدليل من غيره يدل أن معناه على ما عطفه عليه.

فنظرنا في ذلك هل نجد في ذلك شيئًا يدل على شيء من ذلك؟ فقال أهل المقالة الأولى: فقد قال الله ﷿ ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة: ١٧٨] الآية.


= وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير ١/ ٢٩٣ (١٥٧٣) من طريق يونس بن عبد الأعلى به.
وأخرجه الشافعي ٢/ ٩٩، والبخاري (٤٤٩٨، ٦٨٨١)، والنسائي ٨/ ٣٦ - ٣٧، وابن الجارود (٧٧٥)، والطبراني ٢/ ١٠٧، والدارقطني ٣/ ١٩٩، والبيهقي ٨/ ٥١ - ٥٢ من طرق عن سفيان بن عيينة به.