فهذا هو حديث علي ﵁ بتمامه، والذي فيه من نفي قتل المؤمن بالكافر هو قوله" لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده.
فاستحال أن يكون معناه على ما حمله عليه أهل المقالة الأولى، لأنه لو كان معناه على ما ذكروا لكان ذلك لحنًا ورسول الله ﷺ أبعد الناس من ذلك، ولكان لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذي عهد في عهده.
فلما لم يكن لفظه كذلك، وإنما هو: "ولا ذو عهد في عهده علمنا بذلك أن ذا العهد هو المعني بالقصاص، فصار ذلك كقوله "لا يقتل مؤمن ولا ذو عهد في عهده بكافر".
وقد علمنا أن ذا العهد كافر، فدل ذلك أن الكافر الذي منع النبي ﷺ أن يقتل به المؤمن في هذا الحديث هو الكافر الذي لا عهد له.
فهذا مما لا اختلاف فيه بين المسلمين أن المؤمن لا يقتل بالكافر الحربي، وأن ذا العهد الكافر الذي قد صارت له ذمة لا يقتل به أيضًا.
وقد نجد مثل هذا كثيرًا في القرآن قال الله تعالى ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ [الطلاق: ٤]، فكان معنى ذلك "واللائي يئسن من المحيض" واللائي لم يحضن "إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر" فقدم وأخر.