فكذلك قوله "لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده" إنما مراده فيه - والله أعلم "لا يقتل مؤمن ولا ذو عهد في عهده بكافر" فقدم وأخر. فالكافر الذي منع ﷺ أن يقتل به المؤمن هو الكافر غير المعاهد.
فإن قال قائل: قوله: "ولا ذو عهد في عهده" إنما معناه "لا يقتل مؤمن بكافر" فانقطع الكلام ثم قال: "ولا ذو عهد في عهده" كلام مستأنف أي: "ولا يقتل المعاهد في عهده".
فكان من حجتنا عليه أن هذا الحديث إنما جرى في الدماء المسفوك بعضها ببعض، لأنه قال:"المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم" ثم قال: "لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده"، فإنما أجرى الكلام على الدماء التي تؤخذ قصاصًا، ولم يجر على حرمة دم بعهد، فيحمل الحديث على ذلك فهذا وجه.
وحجة أخرى أن هذا الحديث إنما روي عن علي ﵁ عن النبي ﷺ، ولا نعلم أنه روي عن غيره من طريق صحيح فهو كان أعلم بتأويله.
وتأويله هو فيه إذ كان محتملاً عندكم هذين المعنيين اللذين ذكرتم دليل على أن معناه في الحقيقة هو ما تأوله عليه.
٤٧٠٥ - حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، أنه قال: أخبرني سعيد بن المسيب، أن عبد الرحمن