وخالفهم في ذلك آخرون (١) فقالوا: بل تلك الغرة المحكوم بها للجنين ثم يرثها من كان يرثه لو كان حيا.
وكان من الحجة لهم في ذلك ما قد ذكرناه في هذه الآثار "أن رسول الله ﷺ لما قضى على المحكوم عليه بالغرة، قال: كيف يعقل من لا أكل ولا شرب ولا نطق؟ فقال رسول الله ﷺ فيه غرة عبد أو أمة" ولم يقل للذي سجع ذلك السجع "إنما حكمت هذا للجناية على المرأة لا في الجنين".
وقد دل على ذلك أيضًا ما رويناه فيما تقدم في هذا الكتاب أن المضروبة ماتت بعد ذلك من الضربة فقضى رسول الله ﷺ فيها بالدية مع قضائه بالغرة. فلو كانت الغرة للمرأة المقتولة إذا لما قضى لها بالغرة ولكان حكمها حكم امرأة ضربتها امرأة فماتت من ضربها، فعليها ديتها، ولا يجب عليها للضربة أرش.
فلما حكم رسول الله ﷺ مع دية المرأة بالغرة ثبت بذلك أن الغرة دية للجنين لا لها فهي موروثة عن الجنين كما يورث ماله لو كان حيا فمات اتباعًا لما روي عن رسول الله ﷺ.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد ﵏.
(١) قلت أراد بهم: عامر الشعبي، والزهري، والثوري، وعبد العزيز بن أبي سلمة، وأبا حنيفة، وأبا يوسف، ومحمدا، والشافعي في قول، وأحمد، وأصحابهم ﵏، كما في النخب ١٧/ ٥٣.