للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فكذلك ما فعله رسول الله في حديث عوف بن مالك من أمره خالدًا بما أمره به، ومن نهيه إياه بعد ذلك عما نهاه عنه إنما أمره بما له أن يأمر به، ثم نهاه عما له أن ينهاه عنه وفيما ذكرنا دليل صحيح أن السلب لا يجب للقاتلين من هذه الجهة.

٤٨٥٠ - حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، قال: ثنا أسد بن موسى، قال: ثنا يحيى بن زكريا، قال: ثنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر قال رسول الله : من فعل كذا وكذا، فله كذا وكذا، فذهب شبان الرجال، وجلست الشيوخ تحت الرايات، فلما كانت القسمة جاءت الشبان يطلبون نفلهم، فقالت الشيوخ لا تستأثروا علينا، فإنا كنا تحت الرايات، ولو انهزمتم كنا ردءًا لكم، فأنزل الله ﷿ ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ﴾ [الأنفال: ١] فقرأ حتى بلغ ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ﴾ [الأنفال: ٥] يقول: "أطيعوني في هذا الأمر كما رأيتم عاقبة أمري حيث خرجتم وأنتم كارهون"، فقسم بينهم بالسواء (١).

ففي هذا الحديث منع رسول الله الشبان ما كان جعله لهم. ففي هذا الحديث دليل على أن الأسلاب لا تجب للقاتلين، ولولا ذلك لما منعهم منها، ولا أعطاهم أسلاب من استأثروا نفله دون من سواهم ممن تخلف عنهم.


(١) إسناده صحيح.
وأخرجه أبو داود (٢٧٣٩)، والبيهقي ٦/ ٢٩٢ من طريق يحيى بن أبي زائدة به.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٤/ ٣٥٦، وأبو داود (٢٧٣٧)، والنسائي في الكبرى (١١١٣٣)، وابن حبان (٥٠٩٣) من طرق عن داود بن أبي هند به.