قالوا: وإنما جعل الله ﷿ لهم ما جعل من ذلك بقوله: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: ٤١] وبقوله ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين﴾ [الحشر: ٧] لحال فقرهم وحاجتهم، فأدخلهم مع الفقراء والمساكين فكما يخرج الفقير واليتيم والمسكين من ذلك لخروجهم من المعنى الذي به استحقوا ما استحقوا من ذلك، فكذلك ذوو قرابة رسول الله ﷺ المضمومون معهم إنما كانوا ضموا معهم لفقرهم، فإذا استغنوا خرجوا من ذلك.
وقالوا لو كان لقرابة رسول الله ﷺ في ذلك حظ لكانت فاطمة بنت رسول الله ﷺ منهم، إذ كانت أقربهم إليه نسبًا، وأمسهم به رحمًا، فلم يجعل لها حظا في السبي الذي ذكرنا، ولم يخدمها منه خادمًا ولكنه وكلها إلى ذكر الله ﷿؛ لأن ما تأخذ من ذلك، إنما حكمها فيه حكم المسكين فيما يأخذ من الصدقة، فرأى أن تركها ذلك والإقبال على ذكر الله ﷿ وتسبيحه وتهليله خير لها من ذلك وأفضل.
وقد قسم أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما بعد وفاة رسول الله ﷺ جميع الخمس، فلم يريا القرابة رسول الله ﷺ في ذلك لا حقا خلاف حق سائر المسلمين، فثبت بذلك أن هذا هو الحكم عندهما، وثبت أنه لم ينكره عليهما أحد من أصحاب رسول الله ﷺ ولم يخالفهما فيه أن ذلك كان رأيهم فيه أيضًا.