للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكانت ثقيف قد أسرت رجلين من أصحاب النبي ورسول الله على حمار عليه قطيفة، فقال: يا محمد، إني جائع فأطعمني، وظمآن فاسقني، فقال رسول الله : "هذه حاجتك"، ثم إن الرجل فدي برجلين، وحبس رسول الله العضباء لرحله (١).

فهذا الحديث مفسر قد أخبر فيه عمران بن حصين أن النبي فادى بذلك المأسور بعد أن أقر بالإسلام، وقد أجمعوا أن ذلك منسوخ، وأنَّه ليس للإمام أن يفدي من أسر من المسلمين بمن في يده من أسراء أهل الحرب الذين قد أسلموا، وأن قول الله تعالى ﴿فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ﴾ قد نسخ أن يرد أحد من أهل الإسلام إلى الكفار، فلما ثبت ذلك، وثبت أن لا يرد إلى الكفار من جاءنا منهم بذمة، وثبت أن الذمة تحرم ما يحرم الإسلام من دماء أهلها وأموالهم، وأنَّه يجب علينا منع أهلها من نقضها والرجوع إلى دار الحرب، كما نمنع المسلمين من نقض إسلامهم والخروج إلى دار الحرب على ذلك، وكان من أصبناه من أهل الحرب فملكناه، صار بملكنا إياه ذمة لنا، ولو أعتقناه لم يعد حربيا بعد ذلك، وكان لنا أخذه بأداء الجزية إلينا، كما نأخذ سائر ذمتنا، وعلينا حفظه مما نحفظهم منه، وكان حرامًا علينا أن نفادي بعبيدنا الكفار الذين قد ولدوا في دارنا لما قد صار لهم من الذمة.


(١) إسناده صحيح.
وهو عند المصنف في شرح مشكل الآثار (٤٤٦٤) بإسناده ومتنه.
وأخرجه الدارمي (٢٥٠٥)، وأحمد (١٩٨٦٣)، ومسلم (١٦٤١)، وأبو داود (٣٣١٦)، والبيهقي في السنن ٩/ ١٠٩، وفي الدلائل ٦/ ١٨٨ - ١٨٩ من طرق عن حماد بن زيد به.