كتاب شرح معاني الآثار - ت البهرائجى

١٣ - كتاب السير - ١٦ - باب ميراث المرتد لمن هو؟ - ج: 7 - ص: 124

الزهري، قال: ثنا علي بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد، قال: قال النبي ﷺ: "لا يتوارث أهل ملتين، لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم" (١).

فلما جاء هذا عن رسول الله ﷺ بما ذكرنا علمنا أنه أراد الكافر ذا الملة، فلما رأينا الردة ليست بملة، ورأيناهم مجمعين أن المرتدين لا يرث بعضهم بعضًا؛ لأن الردة ليست بملة، ثبت أن حكم ميراثهم حكم ميراث المسلمين.

فإن قال قائل: فأنت لا تورثهم من المسلمين، فكذلك لا تورث المسلمين منهم، قيل له: ما في هذا دليل على ما ذكرت، لأنا قد رأينا من يمنع الميراث بفعل كان منه، ولا يمنع ذلك الفعل أن يورث عنه، من ذلك أنا رأينا القاتل لا يرث من قتله، ورأيناه لو جرح رجلًا جراحةً، ثم مات الجارح، ثم مات المجروح من الجراحة، والجارح أبو المجروح أنه يرثه، فقد صار المقتول يرث ممن قتله، ولا يرث القاتل ممن قتل؛ لأن القاتل عوقب بقتله فمنع الميراث كل من قتله، ولم يمنع المقتول من الميراث ممن جرحه الجراحة التي قتلته إذ كان لم يفعل شيئًا، فكذلك المرتد منع من ميراث غيره عقوبةً لما أتاه، ولم يمنع غيره من الميراث منه إذ لم يكن منه ما يعاقب عليه، فثبت بذلك قول من يورث من المرتد ورثته من المسلمين، وقد روي ذلك عن جماعة من المتقدمين أيضًا.

٤٩٣٩ - حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، قال ثنا أبو معاوية، عن

---

(١) إسناده صحيح.
وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (١٣٦)، والترمذي (٢١٠٧)، والنسائي في الكبرى (٦٣٤٩) من طريق هشيم به.