فكان الذين جعلوها من الحنطة نصف صاع يجعلونها من الشعير صاعا، وكان الذين جعلوها من الحنطة مدا يجعلونها من الشعير مدين، وقد ذكرنا ذلك بأسانيده عنهم في غير هذا الموضع.
فثبت بذلك أنهما نوعان مختلفان، لأنهما لو كانا من نوع واحد إذن لأجزي من أحدهما ما يجزئ عن الآخر.
فإن قال قائل: إنه إنما زيد في الشعير على ما جعل في ذلك من الحنطة لغلوّ الحنطة، واتساع الشعير.
فالجواب له في ذلك أنا رأينا ما يعطى من جيد الحنطة ومن رديئها في كفارة الأيمان سواء، وكذلك الشعير.
ألا ترى أن من وجبت عليه كفارة يمين فأعطى كل مسكين نصف مد يساوي نصف صاع أن ذلك لا يجزئه من نصف صاع ولا من مد.
فلما كان ما ذكرنا كذلك، وكان الشعير يؤدى منه في كفارات الأيمان مثل ما يؤدى من الحنطة، ثبت أنه نوع خلاف الحنطة.
فثبت بذلك أن لا بأس ببيعه بالحنطة مثلين بمثل وأكثر من ذلك، وهذا قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد ﵏.