فمعنى هذا الحديث عندنا غير معنى ما قد روى الحماني، لأن ما روى الحماني هو قوله فليس له من الزرع شيء وترد عليه نفقته في ذلك. فوجه ذلك أن غيره يعطيه النفقة التي أنفقها في ذلك، فيكون له الزرع لا بما يعطى من ذلك.
وهذا محال عندنا، لأن النفقة التي قد أخرجت في ذلك الزرع ليست بقائمة، ولا لها بدل قائم، وذلك أنها إنما دفعت في أجر عمال وغير ذلك مما قد فعله المزارع له لنفسه، فاستحال أن يجب له ذلك على رب الأرض لا بعوض يتعوضه منه رب الأرض في ذلك.
ولكن أصل الحديث عندنا - والله أعلم - إنما هو على ما قد رواه أبو بكر بن أبي شيبة لا على ما قد رواه الحماني في ذلك.
ووجه ذلك عندنا على أن الزارع لا شيء له في الزرع بأخذه لنفسه، فيملكه كما يملك الزرع الذي يزرعه في أرض نفسه، أو في أرض غيره ممن قد أباحه الزرع فيها، ولكنه يأخذ نفقته وبذره ويتصدق بما بقي، هكذا وجه هذا الحديث عندنا في ذلك والله أعلم. وقد حكى ذلك يحيى بن آدم عن حفص بن غياث أيضًا.
ومن الدليل على صحة ذلك أيضًا ما قد روى عن رسول الله ﷺ
٥٥٧٣ - حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا أبي، قال: ثنا أبو يوسف عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عروة، عن عروة بن الزبير، عن رجل من أصحاب النبي ﷺ أن