وكل ما وجب على الإمام أن يقيمه على المسلمين فيما أصابوا من الحدود وجب عليه أن يقيمه على أهل الذمة غير ما يستحلونه في دينهم كشربهم الخمر وما أشبهه، فإن ذلك يختلف حالهم فيه وحال المسلمين، لأن المسلمين يعاقبون على ذلك، وأهل الذمة لا يعاقبون عليه، وما خلا الرجم في الزنا، فإنه لا يقام عندهم على أهل الذمة، لأن الأسباب التي يجب بها الإحصان في قولهم: أحدها الإسلام.
فأما ما سوى ذلك من العقوبات الواجبات في انتهاك الحرمات فإن أهل الذمة فيه كأهل الإسلام، ويجب على الإمام أن يقيمه عليهم، وإن لم يتحاكموا إليه كما يجب عليه أن يقيمه على أهل الإسلام وإن لم يتحاكموا إليه.
وكان من الحجة لهم في حديث ابن عمر ﵄ الذي ذكرنا أنه إنما أخبر فيه ابن عمر أن رسول الله ﷺ رجم يهودية ويهوديا حين تحاكموا إليه، ولم يقل: إن رسول الله ﷺ قال: إنما رجمتهم لأنهم تحاكموا إلي.
ولو كان قال ذلك لعلم أن الحكم منه إنما يكون إليه بعد أن يتحاكموا إليه، وأنهم إذا لم يتحاكموا إليه لم ينظر في أمورهم، ولكنه لم يجئ هكذا إنما جاء عنه أنه رجمهم حين تحاكموا إليه.
فإنما أخبر عن فعل النبي ﷺ وحكمه إذا تحاكموا إليه، ولم يخبر عن حكمهم عنده قبل أن يتحاكموا إليه هل يجب عليهم فيه إقامة الحد عليهم أم لا؟.
فبطل أن يكون في هذا الحديث دلالة في ذلك عن رسول الله ﷺ ولا عن ابن