فقد روينا عن هؤلاء الجلة من أصحاب رسول الله ﷺ وهذا مما لا نصل إلى تبيينه (١) من طريق النظر فنستعمل فيه ما استعملناه في غيره من أبواب هذا الكتاب. ولكن لما روينا عن رسول الله ﷺ ما وصفنا في الفصل المتقدم.
وروي عن كعب بن عجرة ﵁: أنها لا تصلح لبشر، فكان معني هذا عندنا -والله أعلم-، أنها لا تصلح لبشر لنهي رسول الله ﷺ عنها؛ لأنه لا تصلح لبشر أن يخالف رسول الله ﷺ. ثم قد جاء ما قد ذكرناه في الفصل الثاني من إباحتها باستعمال رسول الله ﷺ إياها.
فاحتمل أن يكون أحد الأمرين قد نسخ الآخر، فلما وجدنا أبا بكر، وعمر، وعثمان ﵃، وهم الخلفاء الراشدون المهديون على قربهم من رسول الله ﷺ وعلمهم بأمره، قد فعلوا ذلك من بعده بحضرة أصحابه جميعا، وفيهم الذي حدث بالحديث الأول عن رسول الله ﷺ في الكراهة، فلم ينكر ذلك أحد منهم، ثم فعله عبد الله بن مسعود، وابن عمر، وأسامة بن زيد، وأنس بن مالك ﵃، فلم ينكر عليهم منكر.